ابو احمد ابن هيت المراقب العام
عدد الرسائل : 528 العمر : 65 تاريخ التسجيل : 16/07/2008
| موضوع: فلسفة التصوف في الفكر الاسلامي الخميس يوليو 24, 2008 12:03 pm | |
| فلسفة التصوف في الفكر الإسلامي/ عيد الدرويش
الأستاذ عيد الدرويش بعث إلينا الكاتب السوري الصديق المحترم الأستاذ عيد الدرويش سلسلة من المقالات الفكرية قصد نشرها في شرفتنا التواصلية. مع عظيم الشكر للأستاذ عيد، ننشر المقالة الثانية في السلسلة المذكورة تدور حول "فلسفة التصوف في الفكر الإسلامي": كثيرة هي الدراسات والبحوث التي تناول فيها الباحثون ، والمستشرقون التصوف الإسلامي وأنه مستعار من التصوف البوذي ، أو الهند ي، أو المانوي ، أو الفارسي ، ومما لاشك فيه أن البيئة العربية في العصور المظلمة كانت تسودها الديانات الوثنية وعبادة الأصنام إلى أن جاء الإسلام وحررها منها ووجهها نحو عباد الله عزوجل لأن تلك البيئة كانت خليطا ومزيجا من الديانات والعقائد الوثنية وعبدة النجوم والكواكب التي جاءت عن الشعوب التي غزت المنطقة كالفرس ، والإغريق ، والرومان ، والكثير من العرب دّان بتلك الديانات .وكانت هذه الدراسات توّصف التصوف الإسلامي بأشكال الرهبنة، والزهد، ونسك، وكهنة العقائد والأديان القديمة سواء الوضعية، أو السماوية، وأن هذا التصوف هو امتداد لهذا الفكر في حين هناك ما يدحض هذه المقولات من كتاب الله عز وجل والسنة الشريفة للنبي (ص). وفريق آخر من الباحثين ينفي أن يكون مرد التصوف الإسلامي إلى الديانات القديمة ، ولكنه يؤكد على أنه مزيج من الأفلاطونية الحديثة والمسيحية .ويقول رينولد ( لكن على يقين من أننا إذا نظرنا إلى الظروف التاريخية التي أحاطت نشأة التصوف بمعناه الدقيق ، استحال علينا أن نرد أصله إلى عامل هندي ، أو فارسي ولزم أن نعتبره وليد اتحاد الفكر اليوناني ، والديانة الشرقية ، وبعبارة أخرى ، وليد الاتحاد بين الفلسفة الأفلاطونية الحديثة ، والديانة المسيحية )[1] ومنهم من يرجع التصوف الإسلامي إلى تأثر هؤلاء المتصوفة بالديانة اليهودية ، ويقول الباحث جولد تسيهر ، وهو يهودي الأصل يعتقد أن الصوفية الإسلامية قد تأثرت إلى حد كبير باليهودية ، ويستدل على ذلك بأن البعض من اليهود ، قد دخلوا الإسلام ، ووضعوا كثيرا من الأحاديث التي تسمى بالإسرائيليات ، وإن نظريتي التشبيه ، والتجسيم لدى اليهود تشابه نظرية الاتحاد الحلول لدى الفلسفة الإسلامية يقول الشهرستاني ( وجدوا التوراة مملوءة بالمشابهات مثل الصور ، والمشافهة ، والتكلم جهرا ، والنزول من طور سيناء انتقالا ، والاستواء على العرش استواء)[2]ولا شك أن هناك تمازجا بين تلك الثقافات، والحضارات، وتداخلا بين أديان هذه المنطقة، التي كان يشوبها التعدد، والتنوع في الآلهة، فكانت الأديان الشرقية تجوب المنطقة العربية، كما يجوب اليوم الإسلام الشرق، وبلاد العالم كافة.كل هذه المقارنات لا تدل على أن جذورا للتصوف في الدين الإسلامي مستمدة من الأديان السابقة ، لأنها تختلف في الوسيلة ، والغاية التي نشأ فيها ، وإن كان بعض المتصوفة يجهلون حقيقة التصوف ، ولا يعرفون عنه شيئا ، كما يقول ابن عربي لا يعرف حلاوة العسل ، إلا من ذاقه .وحول خطأ الصوفية في سلوكهم والشكل التعبدي الانعزالي والابتعاد عن مظاهر الحياة التي تمثل مظاهر تعبدية لديانات أخرى تذكر أنه ( قد روى ابن الجوزي كثيرا من الأحاديث يستدل بها على خطأ الصوفية في أفعالهم التي تشبه الرهبنة المسيحية ، والبرهمية مثل الترهب في الجبال والسياحة في الأرض ، والخروج من المال ، وهجر النساء ، والامتناع عن أكل اللحوم ومس الطيب)[3]إن الفلاسفة ، أو المناطقة ، وأصحاب علم الكلام يخفقون في الوصول إلى حالة العارف والمتصوف ، لأنهم يعتمدون على العقل , وأدواته للبحث في الإلهيات ، والبحث في تلك المسائل هي خارجة عن حدود العقل ، وما نراه أن الخطاب الإلهي للبشر هو على قدر عقولهم , والآيات القرآنية تدل على ذلك (ليس كمثله شيء )[4] فالله عز وجل منزّه عن التشبيه ، والتجسيم ، والتوصيف ، وما يدور في حلقة الفكر والفلسفة التي لا يستطيع أن يعرج إلى معرفة الألوهيات ، إلا لماما ، وفي الحدود الدنيا التي لا ترى أن هناك قوة خلف هذا العالم ، وأن هنالك خالقا ، أو مدبرا لهذا الكون . إن الديانة الإسلامية هي آخر الديانات السماوية ، وكانت أشملها ، وجاء في القرآن الكريم كل قصص ومعجزات الأنبياء ، ومضمون الرسالات في كل الديانات السماوية التي سبقت رسالة الإسلام زمنيا ، فهو جامع شامل ، وفي محكم التنزيل (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)[5]. إن شريعة الإسلام جاءت وسطية بين الديانتين السابقتين ، فكانت الاعتدالية والوسطية هي سمتها الأساسية بالنسبة للأمور الدينية ، والدنيوية ، فاليهودية قد مالت إلى المادية المفرطة في اتخاذها للمبادئ التي حملها دعاتها ، وحرّفوها لكي تتخذ الشكل الأخير بتطرفها بالصهيونية ، وعداوتها للعالم ، فكان معتنقوها في البداية هم من التجار المرابين ، وجاءت المسيحية لتأخذ الشكل الروحي المفرط ( الرهبنة ) وأن المسيح هو ابن الله ، أو أن الله قد تمثل بالنا سوت ليخلّص البشرية من الآثام والخطايا ، وجاء الإسلام ليوضح هذه المسائل بشكل صريح وواضح ( عيسى ابن مريم )[6] وأن الله واحد أحد كما جاء في قوله تعالى ( الله الصمد , لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد )[7] إذا كان المستشرقون يقولون أن التصوف هو امتداد للتصوف والزهد في الأديان السابقة ، ففي الأديان الوضعية يعتمد التصوف على أقوال وأراء أشخاص يماثلونهم في التفكير ومبادئ جمعوها لمفكريهم وعصارة عقولهم ،أما التصوف في الأديان السماوية هي سلوك وفق الأوامر الإلهية التي تفوق قدرة البشر بل هي جوهر الوجود على الإطلاق وبهذا يكفي أن ندلي بتلك الحجة فالاختلاف كبير بين هذا وذاك ، وإذا كان قصور العقل في إدراك الفصل بين الوضعي والسماوي فهو قصور أيضا في قدرة ذلك العقل عن معرفة حقيقة التصوف الإسلامي ، وحتى المتصوفة أنفسهم ليسوا بمنأى عن هذا الافتراض . - نجد مفارقة كيف يتأثر هؤلاء المتصوفة المسلمون بالتصوف البوذي ، أو الزرداشتي ،أو الفارسي ،أو المانوي ( ويبدوا أن ما سينون يربط بين التصوف الشيعي ، والتصوف السني ، بقصد أن يثبت نظرية متوهمة ، فحواها أن التصوف الإسلامي متأثر بالمانوية ، أو بمعنى آخر تأثر مدرسة التصوف في الكوفة بالثقافة الآرامية ، التي كانت مؤسسة على نظرية الحب الإلهي ، كما تأثر التصوف الإسلامي من ناحية أخرى بثقافة أخرى بثقافة البصرة المتأثرة بالثقافة الهندية )[8] وأن التصوف الإسلامي يرتكز حول الإله الواحد المنزّه الواحد الأحد الصمد ، بينما في الأديان الوضعية هي سلوك لبعض الأفكار، وعبادة آلهة كثيرين ، ومجسدة أمامهم في تماثيل ، وفي الأديان السماوية كاليهودية ، وصفت الإله بأنه يحاور بني إسرائيل ، وأنه يستشير البعض منهم ، وأنه استجاب لرأي أحدهم ، فالمتصوفة في اليهودية الذين جمعوا تلمود هم في بابل ، وقسم آخر في فلسطين ، المروي شفاها بعد فترة طويلة من الزمن ، والمسيحية تذهب إلى عبادة المسيح ، وبدعواهم هي عبادة الله عز وجل .ومن يقول أن التصوف الإسلامي أنه متأثر بتصوف الأديان والمذاهب السابقة ، والمتصوفون هؤلاء المعتنقين متأثرون بالتي هي أسبق منها ، فكان من الأجدى أن يكونوا متصوفين بالديانة التي يعتنقونها ، والدراسة التي نقوم بها إلا لتبين أشكال التصوف التي مرت بها هذه الأديان الوضعية منها والسماوية ، ولكشف التفرد لكل ديانة سماوية لشكل التصوف ومتصوفيها . كانت كلا الديانتين اليهودية والمسيحية تتحدث عن رسالة سماوية كاملة ستأتي لاحقا وهذا ما جاءت به الديانة الإسلامية لتتناول الديانتين السابقتين بشكل واضح وصريح وتضم سير الأنبياء والرسل, وطبيعة كل من هاتين الديانتين السابقتين. يشترك أبناء كل العقائد ، والأديان في أنهم من بني البشر ، وبما يمتلكون من عقل ، وما يتماثلون في الميول ، والرغبات ، والشهوات ، وحبهم للفضول وبهذا نرى أن هناك ميلا لفضول ذلك الإنسان لمعرفة الحقيقة ، التي يبحث عنها ، وجاءت الأديان لتوضح القوانين ، والأدلة ، والمعايير ، والطرق ، والسنن ، والنظم ، والمعارف ، وصارت قيما مكتملة بالديانة الإسلامية .ألم يكن ذلك كافيا للرد على دعا ويهم ، بأن هذا التصوف هو تقليد للتصوفات الأولى في الأديان السابقة ، ولكن أيضا يجب أن نفهم أنه التصوف هو من جهة الصفاء ، للتقيد بالشريعة الإسلامية أو من مصطلح الأصفياء .عيد الدرويش الرقة- سوريا. | |
|
ابو محمد المشرف العام
عدد الرسائل : 461 الموقع : العراق قلب العراق تاريخ التسجيل : 16/07/2008
| موضوع: رد: فلسفة التصوف في الفكر الاسلامي السبت يوليو 26, 2008 12:59 am | |
| موضوع جيد وجعله في ميزان حسناتك | |
|